هل السودان مُلزم بالارتباط بحروب بيت المقدس في العصر الحديث؟
في الأزمان العابرة في العصور الوسطى، أعلن بابا الفاتيكان أوربان الثاني عن انطلاق الحملات الصليبية الأوروبية لانتزاع بيت المقدس و أراضي الشام من المسلمين. و تكررت هذه الحملات الصليبية لمدة تجاوزت ال 200 سنة حتى انتهت تماما و الجدير بالذكر في هذه الحملات هو أنه لم يشارك مسلموا الأندلس مع باقي المسلمين في الشرق الأوسط في حروب استرداد بيت المقدس و أراضي الشام من الاحتلال النصراني لفتاوي علماء و شيوخ الأندلس بعدم المشاركة في الحروب ضد الحملات الصليبية في أراضي بيت المقدس و الشام لأن مسلمي الأندلس أنفسهم واقفون على ثغور ساخنة مع فرنسا و ألمانيا و بريطانيا و العجيب هو أنه أيضا في نفس التوقيت أمر بابا الفاتيكان نصارى الأندلس بعدم المشاركة مع باقي الجيوش الأوروبية في الحملات الصليبية ضد بيت المقدس و أرض الشام لأن عليهم واجب انتزاع الأندلس من المسلمين.
و سبحان الله، بعد سقوط غرناطة — آخر معاقل المسلمين في الأندلس — و قيام محاكم التفتيش الفظيعة (التي أصيب بسببها جنود الفرنسيون التابعون لنابليون في حملته ضد إسبانيا النصرانية بالغثيان و الاستفراغ لما فيها من الهول و الفظائع المخيفة لأنه لم يخطر ببالهم أن انسانا يمكنه أن يفعل كل ذلك بانسان آخر )صعدت و تأسست الامبراطورية البرتغالية الدموية و انطلقت مثل الكلب المسعور الجائع الذي كان مربوطا السلاسل ضد المسلمين حول العالم فأصبحت تهاجم المغرب و الجزائر و دولة المماليك و شبه الجزيرة العربية و احتلت بالفعل أجزاء كبيرة من المغرب و شبه الجزيرة العربية احتلالا عسكريا و عذبت و قتلت الكثير من المسلمين، مما جعل شعوب هذه البلدان الإسلامية الاستنجاد بالدولة العثمانية، فاضطرت الدولة العثمانية إلى الدخول على الحجاز و السواحل الشرقية للجزيرة العربية و الجزائر و مصر و ليبيا لحماية المسلمين من التوسع و الاحتلال البرتغالي الغاشم.
ربما إذا لم تسقط الأندلس و لم تنهار الحكومة و الجيوش الإسلامية في الأندلس و لم يكن هناك أي مملكة نصرانية على الأندلس، لكان العثمانيون سيستخدموا مواردهم و جيوشهم و أموالهم التي حروب الدفاع عن المسلمين ضد البرتغاليين في حملات عسكرية فتوحات إسلامية جديدة في أراضي الڤايكينغ الاسكندنافية و أوكرانيا و ألمانيا و شرق فرنسا و مدينة باريس نفسها !
و لربما إذا لم تسقط الأندلس، كان العثمانيون سينقذون العالم و المسلمين من حربين عالميتين مجنونتين دمرتا العالم و لم يكن هناك احتلال أوروبي دموي غاشم ظالم دموي قهري استعبادي ابادي لقارات إفريقيا و الأمريكتين و أستراليا
حسنا، بعد هذا التطواف التاريخي لنرجع للسودان.
السودان حاليا يصارع في حرب طاحنة تأكل الأخضر و اليابس. حرب أعلتنها حكومة الامارات العربية المتحدة ضد السودان و الشعب السوداني و الجيش السوداني و تحالف فيها مع الامارات العربية المتحدة كل من إسرائيل و إثيوبيا و تشاد و ليبيا الشرقية و اليمن الجنوبي و أوغندا و كينيا و جنوب السودان و إفريقيا الوسطى و جيوش قوات الدعم السريع و جيوش المرتزقة من النيجر و مالي و سوريا و اليمن و ليبيا و غيرهم و مارسوا جميعهم أبش الجرائم بحق السودانيين من اغتصاب جنسي و تعذيب و حرق للناس و هم أحياء و دفن الناس و هم أحياء و السرقة و استعباد الكثير من النساء السودانيات و بيعهن في أسواق النخاسة كالعصور الوسطى في دارفور تقتيل السودانيين و احتلال منازلهم و بيوتهم و مدنهم و حرق مصانعهم و بنوكهم بمباركة من حكومات بريطانيا و فرنسا و الولايات الأمريكية المتحدة.
السودان مثل الأندلس حيث أنه هو أيضا ثغر ساخن و الحرب الحالية أبرز دليل و برهان على ذلك. حرب أعلنت الامارات العربية المتحدة و أكثر من 14 دولة بجبروتها و غطرستها و ظلمها و عدوانها و فجورها على السودان و الشعب السوداني.
و لو سقط السودان (لا قدر الله) ، ستكون خطوة الامارات العربية المتحدة هي غزو و احتلال كل من قطر و تركيا و طرابلس الليبية و الجزائر و الكثير الكثير من دول العالم الإسلامي باستخدام موارد و أموال السودان و باستخدام النسخة الإفريقية من الجيش المغولي (قوات الدعم السريع) و ستمارس معهم مثلما فعلت بنا في السودان.
إن حكومة الامارات العربية المتحدة ليست حكومة مسلمة ولا إسلامية و هي أقرب لحكومة إيزابيلا فيرديناند الكاثوليكية النصارنية ولا تنوي أي خير تجاه الشعوب الإسلامية.
و مع ذكر كل ذلك، أنا أعتقد أن مشاركة السودان في حروب تحرير بيت المقدس هي ترف لا يستطيع لا السودان ولا السودانيين أن يستحملوه في ظل كل الظروف الحالية العدوانية الغاشمة التي ذكرتها آنفا.
ليس لأننا أنانيون، و لكننا نقف على ثغر ساخن و ما نمر بن من مصائب، يكفينا عن الانخراط و الانشغال بمصائب غيرنا. و خطر الامارات و حلفاؤها على الأمن القومي السوداني و سلامة و أمان السودانيين لم و لن ينتهي قريبا.
و هذه ليست دعوة للتطبيع مع إسرائيل. السودان طبع مع إسرائيل في عام 2020 في المستوى العسكري و الاستخباري و الأمني و مع ذلك لم يجني السودان من هذا التطبيع إلا ثمارا قبيحة مثل ثمار شجر الزقوم، حيث زودت إسرائيل قوات الدعم السريع المتمردة ببرمجيات بريداتور التجسسية و الراجمات الإسرائيلية و وقفت جنبا إلى جنب مع الامارات ضد السودان و الشعب السوداني و الجيش السوداني. ولابد من اجهاض تطبيع السودان مع إسرائيل في أسرع وقت ممكن.
لا نطبع مع إسرائيل ولا نحالفها، لكن في نفس الوقت نحن في غنىً تام جدا عن الدخول في حرب خارج السودان ضد إسرائيل او غيرها.